شبح النزوح يطارد سكان غزة

2025-08-19
الرابعة نيوز _سعدية عبيد: منذ أكثر من أسبوع، يعيش سكان قطاع غزة على وقع سؤال ثقيل يطرق الأذهان ليلًا ونهارًا: "ماذا لو اضطررنا للنزوح مجددًا؟"، سؤال يعكس حالة القلق الجماعي ويكشف حجم التيه الذي يعيشه أكثر من مليون إنسان، في ظل تهديدات متواصلة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته بالتصعيد العسكري واحتلال القطاع، بدءًا من مدينة غزة. 
خياران أحلاهما مرّ 
الغزيون اليوم عالقون بين خيارين لا يقل أحدهما قسوة عن الآخر: 
النزوح بما يحمله من حياةالخيام والتشرد وفقدان الأمن الغذائي والصحي. البقاء تحت القصف بما يعنيه من مواجهة الموت أو الفقد في أي لحظة. 
تجارب النزوح السابقة ما تزال حيّة في الأذهان: خيام بلا مقومات حياة، انعدام الأمن، وفقدان الكرامة. ورغم ذلك، فإن معظم السكان لا يجدون قدرة على التفكير بخطوة جديدة نحو المجهول، في ظل انسداد جميع الخيارات. 
شهادات من قلب المعاناة 
أحمد أبو مصطفى (45 عامًا)، أب لخمسة أطفال نزح مرات عدة منذ بداية الحرب، يقول:
"كل مرة نغادر فيها نفقد جزءًا من حياتنا. لم يعد لدينا طاقة. البقاء صعب، لكن النزوح مستحيل." 
أما أم ياسر (37 عامًا)، التي تقيم في خيمة داخل إحدى مدارس الإيواء، فتروي بحسرة:
"حين طلبوا منا النزوح المرة الأولى، صدقنا أننا سنجد مكانًا آمنًا. لكننا وجدنا أنفسنا في العراء، بلا ماء ولا طعام ولا أمان. الآن يقولون قد نضطر للرحيل مرة أخرى، لكن إلى أين؟" 
ويختصر جمال عبد المنعم، طالب جامعي فقد منزله في شمال غزة، معاناته بجملة واحدة:
"نعيش في دائرة مغلقة: نزوح ثم عودة ثم نزوح. لم يعد أمامنا سوى البقاء، حتى لو كان الثمن حياتنا." 
مستقبل غامض وسؤال بلا إجابة 
مع كل شائعة عن توسع العمليات العسكرية، يتصاعد السؤال الوجودي: "أين المفر؟"، لكن لا جواب. فالنزوح لم يعد خيارًا واقعيًا، والبقاء لم يعد آمنًا. إنها معادلة قاسية بلا حلول، تترك سكان غزة عالقين بين مطرقة البقاء وسندان النزوح، في مساحة رمادية ضيقة لا يملكون فيها سوى الترقب والانتظار. 
وفيما يواصل شبح النزوح ملاحقتهم كهاجس يومي، يبقى الغزيون أسرى سؤال لم يكن يومًا مطروحًا بهذه القسوة: كيف نعيش بين سماء مفتوحة للقصف وأرض تضيق بنا أكثر كل يوم؟

وقت آخر تعديل: 2025-08-19 07:59:38