الرابعة نيوز_بينما تتفاقم الأزمة المالية والسياسية في فلسطين، يعيش المواطن الفلسطيني واقعًا صعبًا بسبب احتجاز الاحتلال الإسرائيلي لمعظم أموال المقاصة، التي تمثل نحو 68% من دخل وزارة المالية وتغطي الرواتب والخدمات الأساسية لملايين السكان. وفي مقابلة حصرية مع برنامج "طلة صباح" الذي يقدمه الإعلامي عادل غريب، كشف الدكتور محمد أبو الرب، مدير مركز الاتصال الحكومي، عن التحديات المعقدة التي تواجه الحكومة الفلسطينية في إدارة هذا الواقع الصعب، والجهود المستمرة لتأمين الموارد المالية الضرورية.
وأكد أبو الرب أن الحكومة الفلسطينية اليوم تعمل على عدة مسارات دولية ودبلوماسية متوازية لضمان الإفراج عن الأموال المحتجزة، مشيرًا إلى أن الدعم الدولي، رغم كونه جزئيًا من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والدول العربية، يسهم في تخفيف الأزمة، بينما يظل الضغط الأمريكي العامل الحاسم على الاحتلال الإسرائيلي لتسليم أموال المقاصة. وأوضح أن الحكومة تواجه تحديًا غير مسبوق، حيث دخل الدولة يتأثر بشكل مباشر بعدم تحويل المقاصة، في حين تستمر المصاريف التشغيلية الأساسية للوزارات والهيئات المحلية.
وأضاف أبو الرب أن الحكومة تحرص على الشفافية المالية الكاملة، إذ يتم نشر جميع البيانات المالية على موقع وزارة المالية، بما في ذلك الإيرادات والمصروفات، كما تم إجراء تسويات مع 125 هيئة محلية وشركات الكهرباء والمياه لضمان استمرار الخدمات الحيوية رغم نقص الموارد. وأشار إلى أن الحكومة نجحت في دفع نسبة كبيرة من الرواتب للموظفين، رغم نقص المقاصة، بفضل إعادة تجنيد الموارد المالية من خلال الدعم الدولي والتسويات المحلية.
وتطرق أبو الرب إلى أزمة المقاصة باعتبارها قلب الأزمة المالية للحكومة، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ منذ عام 2019 بفرض اقتطاعات على أموال المقاصة، شملت أحيانًا تعويضات لعائلات قتلى إسرائيليين أو خصومات غير مبررة، ما زاد من تعقيد الوضع المالي. وأوضح أن هذا الاحتجاز أدى إلى حرمان الحكومة من جزء رئيسي من دخلها الشهري، ما دفعها إلى البحث عن موارد إضافية لتغطية الرواتب والخدمات الأساسية، وهو ما نجحت جزئيًا في توفيره عبر الدعم الدولي الجزئي والاقتراض المؤقت.
وأوضح أبو الرب أيضًا أن الحكومة لم تتوقف عن متابعة الدعم الدولي لقطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، حيث يتلقى أكثر من 120 ألف طالب في غزة تعليمهم عبر الإنترنت، ويقدم أكثر من ستة آلاف من الطواقم الطبية الخدمات الضرورية، بما يشمل المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الأولية، لضمان استمرارية الخدمات الأساسية. وأكد أن الحكومة تعمل على تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين رغم كل التعقيدات، وتعمل على ترشيد الإنفاق الحكومي ومنع الهدر المالي.
وحول الانتقادات الشعبية المتعلقة بترتيب أولويات الحكومة، أوضح أبو الرب أن الحكومة تعمل على توازن دقيق بين استمرارية الرواتب وخدمات المواطنين ومواجهة الأزمة المالية، مشيرًا إلى أن بعض القطاعات مثل شركات الأدوية واجهت تحديات كبيرة في توريد الأدوية بسبب تأخر المدفوعات، إلا أن الحكومة نجحت في تسوية جزء كبير من هذه المديونية وتوفير الموارد اللازمة لتخفيف الأزمة، مع الحفاظ على شفافية الإجراءات.
وفي ما يخص غزة، كشف أبو الرب عن خطة إعادة إعمار ثلاثية المراحل تشمل توفير المساعدات الأساسية، تطوير البنية التحتية، إنشاء مشاريع للطاقة المتجددة، وتأمين الدعم للمخيمات والهيئات المحلية. وأوضح أن الحكومة الفلسطينية تعمل مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية والإسلامية لتثبيت وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية الأساسية، مع التركيز على التحضير لفصل الشتاء وتقليل معاناة السكان في المخيمات والمناطق المتضررة.
وأشار أبو الرب إلى أن الحكومة تواجه تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على صمود المؤسسات الحكومية وضمان استمرارية الخدمات، مع الاستجابة لمطالب المواطنين، خاصة في ظل أزمة مالية غير مسبوقة نتيجة احتجاز المقاصة، مشددًا على أن الحكومة تعمل بلا توقف لتجنيد موارد إضافية وضمان دفع الرواتب والخدمات الأساسية، حتى في أصعب الظروف.
واختتم أبو الرب حديثه بالتأكيد على أن الجهود الحكومية ستستمر، مع الضغط على الاحتلال والمجتمع الدولي لضمان تحرير أموال المقاصة، دعم إعادة الإعمار، واستمرار الخدمات الحيوية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكدًا أن الحكومة الفلسطينية ملتزمة بالحفاظ على صمود الشعب واستقرار الدولة في مواجهة أصعب الأزمات المالية والسياسية منذ سنوات.